موقع FIFA.com: وحيد، بماذا شعرت عندما أطلقت الصافرة النهائية في مباراة الإياب ضد بوركينا فاسو في الملحق الأفريقي المؤهل ؟
حليلوزيتش: لقد كان مزيجاً من الراحة والفخر! بالنسبة لأي مدرب، فإن المتعة لا تكمن فقط في الفوز. الفوز لا يتحقق من دون عذاب. وبالتالي فقد عانينا كثيراً لكي ننهي المهمة بشكل رائع. إنها هدية هائلة رؤية الفرح الذي جلبه هذا الفوز لدى الجمهور أو الاشخاص الذين أعمل معهم. لا شيء يستطيع شراء هذه السعادة. عندما ترى الناس من حولك يقفزون من شدة الفرح، فإن عذاب سنتين ونصف يزول بسرعة.
لقد تأثرت كثيراً في نهاية تلك المباراة حتى أنك بكيت.
تعرضت لحادث مأساوي قبل سنة عندما توفي شقيقي. لقد كان شخصاً أثّر كثيراً في حياتي، فهو الذي رسم مسيرتي ودفعني لممارسة كرة القدم. وقبل عام بالتحديد من تلك المباراة ضد بوركينا فاسو، قام بزيارتي في الجزائر. لم يكن أحد يدري بأني عشت داخلياً تلك المأساة، بعد المباراة انفجرت بالبكاء.
من الناحية العاطفية، ألا تعيشون أفضل أوقات مسيرتكم؟
لا أدري، ليست المرة الأولى التي أنجح فيها في قيادة فريق إلى نهائيات كأس العالم. كمدرب، شاركت في دوري الأبطال مرتين وأحرزت دوري أبطال أفريقيا. أما كلاعب، فأحرزت لقب بطولة أوروبا للناشئين وتوّجت أفضل لاعب فيها ونلت لقب أفضل هداف. أحرزت العديد من الألقاب، لكن التجربة التي عشتها مع الجزائر هي الأقوى على الأرجح. أن تكون مدرباً للجزائر، لا يعتبر الأمر هدية دائماً. يتعين عليك أن تتمتع بشخصية قوية وإيمان بما تقوم به. الضغوطات كبيرة وأنا أجنبي يشرف على تدريب منتخب وطني. الأمر ليس سهلاً على الدوام.
ما الذي دفعك للقبول بهذا المنصب؟
بعد أن تمت إقالتي من تدريب كوت ديفوار، لم افكر إطلاقاً بالإشراف مرة جديدة على منتخب أفريقي. حتى أنني كنت أفكر بترك كرة القدم. هذه الإقالة تؤكد كم يمكن للقارة الأفريقية أن تكون موجعة. لكن يجب عدم القول أبداً على الإطلاق. وفي حصتي التدريبية الأولى مع المنتخب الجزائري اقترب مني أحد اللاعبين بعد مرور خمس دقائق وقال لي "سيدي المدرب، هل يمكننا التحدث؟" ودار النقاش بين جميع افراد المنتخب واستمر حوالي ساعتين وقد تحدث الجميع عن المشاكل كانت عديدة. فقلت في نفسي "لست مستعداً لهذا الأمر ويتعين علي الرحيل." لكن في النهاية وفي وجه هذه الصراحة، قررت متابعة المغامرة. هذه الصراحة في أول لقاء بيني وبين أفراد الفريق هي التي أقنعتي بمواصلة عملي. بوجود أشخاص صريحين يمكن دائماً أن تفعل شيئاً. جرت أمور كثيرة حصلت بين المعسكر الأول الذي أقيم في ماركوسيس في يوليو/تموز 2011 وديسمبر/كانون الأول 2013، لقد عملنا كثيراً وقد كوفئت جهودنا في النهاية.
تحدثت عن الحادثة الأليمة عام 2010 عندما تمت إقالتك من تدريب كوت ديفوار على الرغم من نجاحك بقيادة الأفيال إلى نهائيات كأس العالم FIFA في جنوب أفريقيا في ذلك العام. هل طويت الصفحة؟
عشت تجربة مماثلة عندما كنت لاعباً قبل بضع سنوات. في بلادي يوغوسلافيا، كانوا ينظرون إلي كأفضل لاعب في جيلي. شاركت في كل مباراة في تصفيات كأس العالم وانتزعنا بطاقة التأهل الى كأس العالم في أسبانيا 1982. وعندما وصلنا إلى هناك لخوض العرس الكروي قام المدرب بتغيير أسلوب لعب الفريق ووضعني على دكة الإحتياطيين. عشت تلك التجربة بشكل سيء خصوصاً بأنني كنت أمَني النفس بإنهاء البطولة كهداف لها. والأمر سيان بالنسبة إلى مدرب عندما يقود منتخب وطني إلى بلوغ نهائيات كأس العالم بفوز فريقه في جميع مبارياته قبل أن يحرم من الاشراف عليه خلال هذه النهائيات. لقد اتخذ رئيس جمهورية البلاد هذا القرار. لكن في صبيحة اليوم ذاته، جاء إلي رئيس الإتحاد الجديد لكوت ديفوار واعتذر بإسمه وبإسم اللاعبين وبإسم الشعب الإيفواري لما حصل. إنها ليس عملية ثأرية لكن هذا الكلام يواسيني بعض الشيء. بالطبع أشعر بالخيبة لعدم ذهابي إلى كأس العالم عام 2010، ربما كنت استطيع القيام بشيء ما مع هذا الفريق الذي يملك لاعبين كبار.
بوجود سفيان فيجولي، أو سفير تايدر أو حتى إسحاق بلفوضيل، يضم المنتخب الجزائري مواهب عديدة. والفريق لا يزال شاباً...
عندما استلمت منتخب الجزائر، كان لا يزال يضم العديد من اللاعبين الذين خاضوا العرس الكروي الأخير عام 2010. لقد كانوا محبطين. فهمت بسرعة بأنه يتعين علي ضخ دماء جديدة في الفريق. قمنا بعملية التغيير خطوة خطوة. بدأت تدريجياً استدعاء اللاعبين الذين يحملون الجنسيتين الفرنسية والجزائرية إلى صفوف المنتخب وتحديداً من فرنسا وإيطاليا.المهمة لم تكن سهلة لأن الشعب الجزائري متمسك كثيراً بوطنه، وبالتالي فإن أي لاعب لا يحترم العلم ليس مرحباً به. وبالتالي كان علي أن أعمل بدبلوماسية كبيرة من أجل إنجاح عملية انصهار اللاعبين الجدد في بوتقة واحدة مع الآخرين. عملنا كثيراً على الناحية الإجتماعية وعلى التأقلم من خلال النقاش. بذلنا جهوداً كبيرة لكي نجد روحاً جماعية، قتالية متضامنة ومتكاتفة. كل هذه الصفات كانت نقطة القوة التي اعتمدنا عليها خلال مشوارنا الناجح في التصفيات. لقد كوفئت جهودنا، وهذا التأهل عاد بالإيجابية على الجميع في الجزائر.
هذا صحيح إذا ما أخذنا في عين الإعتبار الأجواء التي رافقت مباراة الإياب من الملحق في البليدة يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني. فقبل ست ساعات على بداية المباراة، كان الملعب ممتلئاً بالجماهير!
يجب العيش في الجزائر لتعرف مدى شغف هذا البلد بكرة القدم. والواقع بأني أهديت هذا التأهل إلى الشعب الجزائري. رسالتي لم تكن شعبوية، فقد شعرت بفخر كبير لأنني نجحت في تقديم جائزة التأهل. عندما تجد جمهور مماثل خلفك، فإنه مصدر إلهام كبير.
رأيناك ترقص على أنغام موسيقى الراي وانتابتك فرحة هائلة خلال التصفيات. هناك حتى شائعات تحدثت بأنك في صدد طلب الحصول على الجنسية الجزائرية. هل أنت مغرم بالجزائر؟
أنا مغرم فقط بمهنتي وبكرة القدم. لكني أكن احتراماً كبيراً للجزائر لأني أشعر بفخر كبير كوني أشرف على تدريب منتخب بلد مماثل. لكنها أيضا مسؤولية كبيرة. هنا توجه إلي الإنتقادات، وحتى لو توجت بطلاً للعالم لن تتوقف الإنتقادات. أجد صعوبة في تفسير ذلك، لكن الأمور هي هكذا هنا. عندما تقوم بهذه المهنة، يتعين عليك أن تملك قناعات. يتعين عليك أن تستمتع إلى الآخرين لكن القرار يعود إليك بالدرجة الأولى على الصعيد الرياضي. هنا أملك تصميماً كبيراً ولا أخاف من أي شيء. أهوى الضغوطات وهي موجودة فقط في مبارياي دوري أبطال أوروبا وكأس العالم، ولهذا الهدف أعيش وأعمل. أكن احتراماً كبيراً لكرة القدم، إنها إيماني. لقد تعذبت كثيراً خلال مشوار الكروي، لكن الكرة أعطتني الكثير وأدين لها.
فيديو تصريح المدرب المنتخب الوطني وحيد حليلوزيتش